من هو زهران ممداني أول مسلم عمدة نيويورك ويكيبيديا؟ السيرة الكاملة
شهدت مدينة نيويورك في حزيران/ يونيو 2025 لحظة تاريخية فارقة عندما تصدر اسم زهران ممداني قوائم الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لرئاسة البلدية، في خطوة فتحت أمامه الباب ليصبح أول مسلم في التاريخ يتولى قيادة واحدة من أعظم مدن العالم وأكثرها تنوعًا. فمن هو زهران ممداني؟ وما قصة صعوده المذهل من موسيقى الراب إلى قمة المشهد السياسي الأمريكي؟
من هو زهران ممداني أول مسلم عمدة نيويورك ويكيبيديا: جذور عائلية متعددة الثقافات
وُلد زهران ممداني عام 1992 في مدينة نيويورك لأب أوغندي من أصل هندي وأم هندية. والده هو محمود ممداني، أستاذ جامعي وناقد سياسي مرموق، أما والدته فهي المخرجة العالمية الشهيرة ميرا ناير، صاحبة أفلام أيقونية مثل Monsoon Wedding وThe Namesake وQueen of Katwe.
نشأ زهران وسط هذا المزيج الثقافي الغني، فتشرّب منذ صغره قيم العدالة الاجتماعية والوعي السياسي والفني، وهو ما انعكس لاحقًا على خياراته الحياتية والمهنية.
من موسيقى الراب إلى السياسة: رحلة استثنائية
قبل دخوله عالم السياسة، كان زهران ممداني معروفًا كمغني راب وناشط اجتماعي، إذ استخدم الموسيقى كمنصة للتعبير عن قضايا العدالة، محاربة التمييز العنصري، الفقر، ومعاناة الأقليات في الولايات المتحدة.
أصدر خلال سنوات شبابه عدة أغانٍ راب تطرقت إلى مشاكل التعليم والصحة والسكن، وقد وصف نفسه حينها بأنه “صوت من لا صوت لهم”، وهي الهوية التي ظلت ترافقه حتى انتقاله إلى العمل السياسي.
مسيرته السياسية: صوت الاشتراكيين التقدميين
انضم زهران ممداني إلى صفوف الحزب الديمقراطي، لكنه تمركز ضمن الجناح اليساري الأكثر تقدمية ممثلًا بالاشتراكيين الديمقراطيين، إلى جانب شخصيات مثل ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز وبرني ساندرز. عُرف بمواقفه الداعمة لحقوق العمال، السكن العادل، التعليم المجاني، وحقوق الأقليات والمهاجرين، مؤكدًا في كل خطاباته أن “أمريكا لا تكون عادلة إلا حين تعطي الفرصة للجميع دون تمييز”.
الانتخابات التمهيدية: مفاجأة سياسية مدوية
في 24 يونيو 2025، حقق زهران ممداني تقدمًا ساحقًا في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لرئاسة بلدية نيويورك، بعد أن نجح في حشد الشباب، المهاجرين، وأبناء الأقليات خلفه.
ورغم أن النتائج الرسمية ستعلن في الأول من يوليو، إلا أن انسحاب منافسه الرئيسي أندرو كومو وتهنئته له شكلت اعترافًا غير مباشر بفوزه، ما يجعله المرشح الأقوى للفوز في الانتخابات النهائية نوفمبر القادم.
برنامج انتخابي يغير قواعد اللعبة
يرتكز البرنامج الانتخابي لزهران ممداني على سياسات جذرية لصالح الفقراء والمستضعفين، تتضمن:
- إلغاء الإعفاءات الضريبية للشركات الكبرى.
- فرض ضرائب تصاعدية على أصحاب الثروات الطائلة.
- زيادة ميزانيات الإسكان العام وبرامج الشباب والصحة النفسية.
- دعم التعليم الجامعي المجاني في الجامعات الحكومية.
- إصلاح أجهزة الشرطة ومكافحة عنف رجال الأمن ضد الأقليات.
ويؤكد في خطاباته أنه يطمح إلى تحويل نيويورك إلى نموذج لـ”الديمقراطية التشاركية” التي تُشرك المواطن في القرار اليومي وليس فقط عبر صندوق الاقتراع.
علاقته بعائلته ودعم والدته الفني والسياسي
تُعرف والدة زهران ممداني المخرجة ميرا ناير بدعمها المطلق له، حيث كتبت في تغريدة شهيرة: “عيد مبارك لكل محبي الإنسانية. يا أهل نيويورك، استمعوا للأمهات: إذا أردتم عمدة تقدميًا، صوّتوا لابني زهران!”
أما والده محمود ممداني، فيعتبر مرجعية فكرية لزهران، إذ يصفه بأنه “صاحب التأثير الأكبر على رؤيتي للسياسة والعدالة الاجتماعية”.
علاقته بالجالية العربية والإسلامية
يحظى زهران ممداني بشعبية كبيرة وسط العرب والمسلمين الأمريكيين، خاصة في مناطق مثل بروكلين وكوينز. وقد حرص خلال حملته الانتخابية على زيارة المراكز الإسلامية والمساجد والجمعيات الخيرية، مؤكدًا أن تمثيل المسلمين في السياسة الأمريكية لم يعد ترفًا بل ضرورة.
زوجته راما دوجي: فنانة سورية برؤية إنسانية
تزوج زهران ممداني من الفنانة السورية راما دوجي المقيمة في نيويورك، والمعروفة بأعمالها في الرسوم المتحركة والفن التجريدي البصري. ورغم تحفظها على الأضواء الإعلامية، إلا أنها ظهرت معه في عدة مناسبات انتخابية، مؤكدة أن دعمها له يأتي إيمانًا برؤيته الإنسانية قبل منصبه السياسي.
تصريحاته الملهمة: هوية لا يتخلى عنها
يقول زهران في أحد خطاباته: “أنا مسلم، وأنا أمريكي، وأنا فخور بكلا الهويتين. لن أسمح لأحد أن يجعلني أختار بينهما.” كلمات تلخص فلسفته السياسية التي جعلت منه صوتًا للسلام والتعددية في زمن الانقسامات.
خاتمة: لحظة تاريخية تنتظر التحقق
إذا ما تأكد فوز زهران ممداني في نوفمبر 2025، فلن يكون فقط أول مسلم يُصبح عمدة نيويورك، بل سيشكل بداية حقبة جديدة في السياسة الأمريكية، حقبة لا يرى فيها المواطن المختلف تهديدًا بل قيمة مضافة تعكس روعة التنوع الإنساني.
إنه درس للعالم بأن السياسة قد تتغير، حين يأتي قادتها من الناس، وللناس، حاملين حلمًا أكبر من مناصبهم: حلم العدالة للجميع.