سبب وفاة الفنانة المغربية أمينة بركات بعد مسيرة من العطاء المسرحي .. من هي؟
خسرت الساحة الفنية المغربية أحد أعمدتها مساء يوم الثلاثاء 24 يونيو/ حزيران 2025، برحيل الممثلة القديرة أمينة بركات، عن عمر ناهز 72 عامًا، بعد مسيرة فنية زاخرة امتدت لأكثر من أربعة عقود. في هذا المقال نستعرض سيرة حياة الراحلة بتفاصيلها، تكريمًا لإرثها الذي لم يغادر قلوب جمهورها، وصوتها الذي ظل حيًا في ذاكرة المسرح والتلفزيون المغربي.
من هي أمينة بركات ويكيبيديا السيرة الذاتية؟
ولدت أمينة بركات سنة 1953 في المغرب، ونشأت في بيئة فنية مفعمة بالهوية المسرحية، ما دفعها إلى الالتحاق منذ شبابها المبكر بعدد من الفرق المسرحية البارزة. كانت مسيرتها انعكاسًا حقيقيًا لموهبة ناضجة، تؤمن بأن المسرح رسالة، وأن التمثيل أمانة في التعبير عن واقع الناس.
نشأتها وبداية الطريق الفني
منذ بداياتها، التحقت الراحلة بعدة ورشات مسرحية محلية، قبل أن تبرز موهبتها وتُفتح أمامها أبواب الفرق المسرحية الكبرى. وانضمت تباعًا إلى فرق كبار الرواد في المغرب:
- فرقة الطيب الصديقي، حيث شاركت في أعمال ذات طابع ملحمي ووطني.
- فرقة الطيب لعلج، التي تعلمت فيها مبادئ الكتابة المسرحية الشعبية.
- فرقة عبد الرزاق البدوي، والتي مثلت فيها عدة أدوار بطولية.
- فرقة حسن الجندي، التي شكّلت محطة نوعية في مسيرتها مع أعمال درامية مغرقة في الواقعية.
جميع هذه الفرق كانت مدارس فنية قائمة بذاتها، ما جعل أمينة بركات تتقن التمثيل، الكتابة، وأحيانًا الإخراج، لتصبح فنانة متعددة الأوجه.
أعمالها التلفزيونية: بصمات لا تُمحى
رغم أنها اشتهرت في المسرح، إلا أن الشاشة الصغيرة كانت شاهدة على تألقها، خاصة خلال الثمانينيات وحتى مطلع الألفية. من أبرز أعمالها:
- مسلسل الخمسة وخميس (1988): أحد أبرز الأعمال الاجتماعية التي تناولت الحياة الشعبية المغربية.
- مسلسل الأبرياء (1985): حيث أدت دورًا مركبًا بمهارة عالية.
- عز الخيل مرابطها: عمل تاريخي ضخم قدمت فيه أداءً لافتًا.
- سلسلة من دار لدار مع المخرج عبد الرحمان، عُرفت فيها بجودة الأداء والعفوية.
- مسلسل الأخطبوط (2006): الذي مزج بين الجريمة والتشويق.
- البرنامج القضائي “مداولة”: ظهرت في أكثر من حلقة بدور المرأة القوية التي تقف أمام المجتمع لتطالب بحقها.
تمكنت أمينة بركات من بناء قاعدة جماهيرية كبيرة، لم تُنسَ رغم الغياب المؤقت عن الشاشة.
عودة أمينة بركات إلى المسرح بعد الغياب
غابت الفنانة الراحلة عن الساحة الفنية لعدة سنوات بعد انتقالها إلى فرنسا، حيث عاشت في باريس خلال فترة استقرار عائلي، لكنها لم تتخلَّ عن حبها للمسرح. وبعد عودتها إلى المغرب، قررت أن تعود بقوة، ولكن هذه المرة عبر مشروع خاص بها.
أسست فرقتها المسرحية الخاصة تحت اسم “فرقة بركات المسرح”، والتي كانت عبارة عن ورشة مفتوحة للإبداع وتخريج المواهب الشابة. لم تكتفِ بالتمثيل، بل كانت تكتب وتُعد وتُخرج.
أعمالها المسرحية بعد العودة
من بين أهم أعمالها المسرحية التي أنجزتها مع فرقتها:
- مسرحية “الفرملية والدكتور”: من تأليفها، وإخراج الفنان الصديق مكوار. تناولت فيها العلاقة المعقدة بين المريض والطبيب في قالب ساخر اجتماعي.
- مسرحية “بنت الحاج”: بطولة مشتركة مع الفنان إبراهيم خاي والفنانة فاطمة باصور. وقدمت فيها نقدًا اجتماعيًا مريرًا للسلطة الذكورية داخل العائلة.
أمينة بركات: الإنسانة قبل الفنانة
لم تكن أمينة بركات فنانة فقط، بل كانت أمًا، ورفيقة، ومعلمة. من يعرفها عن قرب، يُجمع على طيبتها، تواضعها، وقدرتها على الاستماع إلى الآخر. كانت تحب أن تعيش في الظل، وأن تكتفي بالضوء الذي يُضيء على الخشبة أو أمام الكاميرا.
قدّمت نصائح ذهبية لكل من اقترب منها، وشجعت العشرات من المواهب الشابة التي ظهرت في التسعينيات وأوائل الألفينات. لم تكن تتردد في الدفاع عن المسرح كفن ملتزم، وعن حقوق الفنانات تحديدًا.
وفاتها: نهاية جسد، لا نهاية مسيرة
في مساء الثلاثاء 24 يونيو 2025، أعلنت الأسرة عن وفاة أمينة بركات، بعد وعكة صحية لم تُكشف تفاصيلها للعلن. نُقلت إلى أحد المستشفيات في الدار البيضاء، لكن القدر قال كلمته، لتغيب صاحبة العطاء الهادئ في صمت، كما عاشت تمامًا.
غصت وسائل التواصل الاجتماعي بخبر رحيلها، وتصدّر اسمها محركات البحث، وشهدت صفحات الفنانين المغاربة رسائل نعي وحزن واستذكار لمحطات من حياتها.
إرث فني لا يُنسى
برحيل أمينة بركات، يغيب صوت قوي من أصوات المسرح المغربي، ووجه مميز من وجوه الدراما التلفزيونية، لكن يبقى إرثها شاهدًا حيًا على ما قدّمه جيل فني تربى على الالتزام، الإبداع، واحترام الجمهور.
مسيرتها كانت حافلة بالمعاني، غنية بالتنوع، وراسخة في ذاكرة كل من أحب المسرح المغربي. أمينة لم تكن ضيفة على الساحة، بل كانت عمودًا من أعمدتها.
كلمة أخيرة
وداعًا أمينة بركات… وداعًا لمن أبدعت دون ضجيج، وتركت بصمة دون صراخ. فنكِ باقٍ في الذاكرة، وروحكِ تسكن كل من اعتلى الخشبة بإيمان، وكل من احترم الفن كرسالة.