قصة تحليل DNA المثيرة التي قلبت حياة حنان المقوب
في لحظة تحول مفاجئ قلبت حياة الإعلامية الليبية حنان المقوب رأساً على عقب، أعلنت مساء اليوم، الاثنين 23 حزيران/ يونيو 2025، نتائج تحليل الـDNA الذي أجرته في أعقاب اتصال مفاجئ قبل أسابيع. النتائج بينت عدم تطابق الجينات مع العائلة التي ظنت أنها عائلتها الحقيقية بعد أكثر من **44 عاماً** من الفقد والبحث.
بدايةقصة حنان المقوب: اتصال في بث مباشر يُغيّر المسار
قادتنا القصة إلى مايو الماضي، حين تلقّت حنان اتصالاً غير متوقّع خلال بث مباشر عبر “تيك توك” من شاب ليبي يُدعى عمر موسى. ظهر متأثراً ومتحمساً في آن؛ تحدث عن والدته التي كانت تبلغ الرابعة عشرة حين خُطئت بأنها متوفاة بعد ولادة، إلّا أن إحساسها الداخلي ظلّ يخبرها بأنها على قيد الحياة.
الصدفة قادتها لمشاهدة مقطع بث لحنان المقوب، وأيقنت بحماس داخلها أنها هي ابنتها الضائعة. الإحساس كان قويًا. جفّت الدموع على حنان عندما أغلقت البث، لكنها عادت بعد أيام، وأكدت الأخبار التي لم تكن تعتقدها ممكنة.
تحليل DNA: حين تنهار الآمال
في بث مباشر لاحق، ظهرت حنان المقوب وهي تقرأ برعب ناتج التحليل: “النتيجة طلعت مش متطابقة”؛ حاولت احتواء الصدمة لكنها انهارت باكية، قائلة:
“لعله خير.. والله ما تعشمت في بني آدمين من كتر ما انكسر خاطري.”
رغم الصدمة، عبّرت عن استعداد والدتها الجميلة للمضي في تحليل ثانٍ داخل مستشفى حكومي، أما هي فكانت تُعاني صدمة صحية عصبية وإنهاك نفسي إثر ما تعرضت له من أمل كاذب.
ردود فعل الجمهور: تعاطف… تشكيك… تضامن
انتشرت لحظات انهيار حنان في أحضان المرأة التي ظنت أنها والدتها، وسط موجات دعم وبكاء ومواساة، ومعها عربات استنكار لتلك “الطفرة الجينية التي لا تثبت الحب”.
وغرد البعض بطلب إعادة تحليل أكثر سرية، لعل هناك خطأ تقني أو أنه أحد “أخبار الجينات الزائفة”، فيما علّق آخرون بأن التجربة أثبتت لأول مرة أن الأمل قد يكون مفجعاً، وأن الجرعات العاطفية الكبيرة يمكن أن تُكسر بيسر.
من هي حنان المقوب؟ صحفية شجاعة وطفلة مجهولة
ولدت حنان المقوب بعد أن تُركت رضيعة أمام مسجد في بنغازي عام 1981. أنقذت من المصير المجهول، ونقلت إلى دار أيتام، ثم تبنّتها عائلة ليبية ومنحوها اسم “حنان”.
نشأت وسط حب، لكنها كانت حفيدة الشمس بلا هوية بيولوجية ثابتة. درست ومارست العمل الإعلامي كصحفية وناشطة حقوقية ومقدمة برامج على “تيك توك”، حتى صنفَتها مؤسسة “صحفيون بلا حدود” ضمن “أشجع 100 صحفي عالمي”.
البرنامج الذي قلب الطاولة: “تعال نحكيلك مع حنان المقوب”
أطلقت حنان أحد أنجح برامجها على “تيك توك”، الذي جذب جمهورًا واسعًا بغض النظر عن التوجهات السياسية. تناولت فيه قضايا حقوقية وإنسانية من قلب الواقع الليبي، بصوت بسيط وقوي، ما جعلها محبوبة وجريئة في آن.
التحديات القانونية والصحية بعد الانفصال
لم تكن الحياة وردية. فقدت أبوها بالتبني، وواجهت مشكلات قانونية مرتبطة بالتبني الرسمي، وتهديدات بالقتل أجبرتها على مغادرة ليبيا والمكوث في مصر. ثم صرحت لاحقاً بإصابتها بمرض التصلّب المتعدد (MS)، وهناك تداخلت المشكلات الصحية مع مساري المأساوي.
الصدمة تتجاوز فانا: ما بين حرمان الهوية والرضاعة العاطفية
ولأن الهوية ليست شرعية فقط، بل تمرين على الثقة، كانت تجربة حنان نموذجاً مؤلماً لتشابك العلاقات المعقدة:
- ابنة عائلة تبنّتها، لكنها جينية بلا شهادة رسمية.
- طالما بدت معروفة للجميع، لكنها كانت مجهولة حتى قراءة جينات الدم.
- رُبّت كطفلة محبة، لكن والدتها البيولوجية لم تعرفها حتى صدمتها الخبر.
هل يعطل DNA وحده التاريخ المنسوج، أو الحب الذي طال العمر؟
حينما لم تتطابق الجينات، انهارت سطور مألوفة في الوعي الزمني لكل الأطراف. لكن التاريخ الكتابي لا يتوقف عند تحليل؛ لقد وضعت بثقافة من تُرى أعمق من الوراثة.
ما هي الخطوة التالية؟ وعد بالتحقق والمعاناة الأصيلة
طلب التأكيد بنتيجة جديدة داخل مستشفى حكومي موثوق، خطوة مهمة. حتى يحدث، تبقى القصة ضد الزمن: هويتك أم من علمتك؟ والبحث هل يكشف أم يُكرس الخذلان؟ والحلابة هل تلملم؟
الجمهور بعد أن كان متضامنًا، اليوم يراقب في صمت حذر. لأن البحث عن الولد مثله شأن إنساني حساس، لكن حجمه كبير على العواطف حين يزوّفه الأمل.
في النهاية: قصة تطرح أكبر من أسئلة الجينات
هي لا تتعلق فقط بـ”جين”، بل بـ”إنسان”. ما الذي نعرفه بالفعل عن السنين الفائتة؟ وعن ما مرّت به حنان؟ هل يمكن حتى لطفلة بلا جنسية جينية أن تُسأل عن ولادتها؟
في ظل فرضيات الألم، ثمة هاجس متبقٍ: هل يمكن توثيق الألفة والمودة، إن لم تكن مدرجة ضمن خريطة جينية؟ هي مسألة تُراوح على حدود ما بين القانون، والإنسان، والروح.
نجلس رغم الانكسار أمام شاشة واحدة مع حنان، من دون انتظار بالمنتظر، ولكن بصدق، لأنَّ في الطريق للسؤالك بالأماكن المغلقة حجراً على الأمل، حتى لو كان جرحًا من الوراثة.