سبب وفاة الإعلامي إبراهيم ونيس الحاسي.. رائد الإعلام الزراعي والمسرحي الليبي

أعلنت الأوساط الثقافية والإعلامية الليبية، صباح الإثنين 23 حزيران/ يونيو 2025، نبأ وفاة واحد من أبرز رواد الإعلام الثقافي والزراعي في ليبيا، وهو الإعلامي والمخرج المسرحي المهندس إبراهيم ونيس الحاسي، عن عمر ناهز 74 عامًا. وبرحيله، تفقد مدينة المرج خصوصًا، وليبيا عمومًا، قامة استثنائية جمعت بين الزراعة والإعلام، المسرح والأدب، الثقافة والهوية.

الراحل لم يكن مجرد إعلامي عابر، بل كان مؤسسًا ومسهمًا نشطًا في تشكيل وعي جيل كامل، خصوصًا في مجالات التنمية الزراعية، الثقافة الجماهيرية، وأبجديات المسرح المحلي. كان صوتًا للمزارع، وحارسًا لذاكرة المرج الثقافية، ومبدعًا في الكلمة والصورة والمشهد المسرحي.في هذا المقال، نُلقي الضوء على سيرة حياة إبراهيم ونيس الحاسي، وأبرز محطات عطائه في الإعلام المرئي والمسموع والمسرح الليبي، مع وقفة احترام لمسيرة امتدت على مدى عقود، دون ضجيج أو استعراض، بل بهدوء من ينتمي للأرض والناس والثقافة.

من هو إبراهيم ونيس الحاسي ويكيبيديا السيرة الذاتية؟

وُلد إبراهيم ونيس محمود الحاسي في ليبيا، وتخرج مهندسًا زراعيًا، لكنه سرعان ما اكتشف أن رسالته تتجاوز حدود الحقل، إلى المذياع والكاميرا والمسرح. كان من أوائل من تخصصوا في الإعلام الزراعي في ليبيا، وساهم في إيصال المعرفة الزراعية بأسلوب بسيط وفعّال إلى الفلاح الليبي في القرى والنجوع.

شغل عدة أدوار متوازية في حياته المهنية:

  • مهندس زراعي ومستشار إرشادي
  • إعلامي متخصص في المجال الإذاعي والتلفزيوني الزراعي
  • كاتب وصحفي في الصحف الزراعية المتخصصة
  • مؤسس للحركة المسرحية والثقافية في مدينة المرج
  • مخرج وممثل وكاتب درامي ومسرحي

وكان يؤمن دائمًا بأن المعرفة لا بد أن تصل إلى كل مواطن، وأن الثقافة هي حق إنساني قبل أن تكون ترفًا.

وفاة الإعلامي إبراهيم ونيس الحاسي.. لحظة فقد لا تُعوّض

مع ساعات الصباح الأولى ليوم الإثنين، انتشر خبر وفاة إبراهيم الحاسي بسرعة في الصحف والمنصات الليبية، وأصدرت إذاعة المرج بيانًا تنعي فيه واحدًا من أبرز أعمدتها على مدى عقود، وتعلن عن تخصيص برامج خاصة لتأبينه واستعراض أبرز أعماله الإذاعية والتلفزيونية.

وفيما لم تُنشر تفاصيل دقيقة عن الحالة الصحية التي سبقت وفاته، أكدت مصادر عائلية أنه كان يعاني من أمراض مزمنة خلال الفترة الأخيرة، لكنه ظل محافظًا على نشاطه الثقافي إلى حينه، مشاركًا في المنتديات، ومواكبًا لكل ما يدور في ساحة الإعلام الليبي.

أبرز أعماله الإعلامية.. صوت المزارع الليبي

تميز إبراهيم ونيس الحاسي بحضور إعلامي طويل ومميز، خاصة في البرامج المتخصصة في الزراعة والبيئة والتنمية الريفية. ومن أبرز برامجه:

على شاشة التلفزيون الليبي:

  • “أرضنا الخضراء” – برنامج أسبوعي استمر لأكثر من 15 عامًا، ناقش قضايا الزراعة الحديثة، والتحديات التي تواجه الفلاحين.
  • “باب المزرعة” – كان من أوائل البرامج الزراعية التوعوية التي تناولت العلاقة بين الأرض والإنسان.

في الإذاعة الليبية وإذاعة المرج:

  • “الحقل الأخضر”
  • “بوح الدوح”
  • “مزارعون”
  • “رفيف الزهر”
  • “بيت الثقافة” – نافذة إذاعية على الشأن الثقافي بالمرج

كما كتب الراحل مقالات دورية في صحيفتي “الأرض” و“الفلاح”، وكان صوتًا مهنيًا يحترمه الجميع، بعيدًا عن الانحياز، قريبًا من الواقع اليومي للفلاحين.

الإعلامي والمسرحي.. وجهان لشخصية واحدة

رغم انشغاله بالإعلام الزراعي، لم يتخلَّ إبراهيم الحاسي عن عشقه الأول: المسرح. فقد أسس شعبة مسرح الطفل بمسرح المرج عام 1971، وشارك في عدد من الأعمال المسرحية الكبرى كممثل ومؤلف ومخرج.

أبرز أعماله المسرحية:

  • “بلياس ومليزاند”
  • “الحجاج”
  • “الدم دائمًا أحمر” – شاركت في المهرجان الوطني المسرحي بطرابلس 1973

في الإخراج:

  • “الدكتور كشكول” (1982) – أول تجربة كوميدية للفنان فضيل بوعجيلة
  • “وين غابت حواء”
  • “باب المزرعة” – امتداد لرسالته الزراعية عبر المسرح

وقد اعتزل الحاسي النشاط المسرحي في وقت مبكر، لكنه ظل يكتب بهدوء، محتفظًا بإرث مسرحي لم يُستهلك إعلاميًا، بل ظل طازجًا في ذاكرة المرج الثقافية.

ردود الفعل على وفاة إبراهيم ونيس الحاسي

فور إعلان خبر الوفاة، امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي في ليبيا برسائل التعزية والدعاء، وتحدث زملاء الراحل عن سنوات من العمل المشترك، وعن رجل كان أبًا ومعلمًا وصديقًا. كتب أحد زملائه السابقين:

“لم يكن مجرد إعلامي، كان ذاكرة المرج… يروي الأرض والمسرح بالكلمة النقية.”

فيما قالت إحدى الإعلاميات: “تعلمنا منه كيف يكون الإعلام أداة بناء، لا مجرد مهنة… سنفتقده كثيرًا.”

إرث لا يُنسى.. لماذا ستبقى سيرته خالدة؟

لأن إبراهيم ونيس الحاسي لم يكن من أولئك الذين يطلبون التصفيق، بل من أولئك الذين يزرعون الفكرة، ويرحلون بهدوء. لأن اسمه ارتبط بالصدق، بالعمل، بالحياة البسيطة المليئة بالمعنى، وبكل ما يُشبه ليبيا في أحسن صورها.

سيرته اليوم تُدرّس كقدوة للأجيال الجديدة: كيف يمكن أن تكون إعلاميًا دون أن تصرخ، وكيف يمكن أن تكتب دون أن تهاجم، وكيف تخدم بلدك بالصوت واللون والمشهد دون أن ترفع لافتة واحدة.

رحيل الأصدقاء الحقيقيين.. ووداع لا يُكتب بسهولة

في النهاية، فإن وفاة الإعلامي إبراهيم ونيس الحاسي ليست مجرد خبر، بل محطة تأمل في رحلة رجل لم يكن صانع محتوى، بل صانع وعي. رجل لم يركض خلف الشهرة، لكنه خلّد اسمه في سطور المسرح والإعلام الليبي.

رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه وتلامذته الصبر والسلوان.

فيروز أحمد

كاتبة متميزة تمتلك حساً إبداعياً فريداً وقدرة على صياغة الأفكار بأسلوب شيق ومبتكر. تتقن فيروز فن السرد القصصي، وتتميز بقدرتها على نقل القارئ إلى عوالم مختلفة من خلال شخصياتها الواقعية وأحداثها المشوقة. تهتم فيروز بتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية الهامة، وتسعى دائماً إلى إثارة النقاش والتأمل من خلال كتاباتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !