تركي الجاسر ويكيبيديا.. من هو الصحفي الذي أُعدم في السعودية؟
اهتزت مواقع التواصل ومتابعو الشأن السعودي صباح الجمعة 14 حزيران/ يونيو 2025، بعد أن أعلنت السلطات السعودية رسميًا تنفيذ حكم الإعدام تعزيرًا بحق المواطن والصحفي تركي بن عبدالعزيز بن صالح الجاسر، وهو الاسم الذي ظل عالقًا في ذاكرة السعوديين منذ عام 2018، بعد أن رُبط بإحدى أبرز القضايا الأمنية في البلاد.
من هو تركي الجاسر؟ ولماذا أُعدم؟ وما هو حساب كشكول الذي تصدر منصات التفاعل في فترات ماضية؟ هنا تجد السيرة الذاتية الكاملة والحقائق كما رُويت من الجهات الرسمية ووسائل الإعلام.
الاسم الكامل لـ تركي الجاسر ويكيبيديا
الاسم الكامل للراحل هو: تركي بن عبدالعزيز بن صالح الجاسر، وُلد في السعودية ونشأ فيها، واشتهر في بداياته كصحفي يعمل في عدد من الصحف المحلية، قبل أن يتحول تدريجيًا إلى التدوين عبر الإنترنت، من خلال منصات مثل “تويتر” حيث عُرف بأنه من أوائل المدونين في المملكة.
أنشأ الجاسر حسابه على تويتر في مارس 2013، وبدأ يشارك فيه كتابات وصفها البعض بأنها ناقدة ومباشرة للواقع السعودي، خصوصًا في ما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان، مما دفع البعض إلى وصفه بـ”الناشط الرقمي”، بينما اعتبرته السلطات لاحقًا ناشطًا معاديًا للدولة.
حساب كشكول تويتر.. نقطة التحوّل
بحسب ما أعلنت عنه وزارة الداخلية السعودية، فإن تركي الجاسر كان هو من يُشرف فعليًا على حساب كشكول على منصة تويتر، وهو حساب مجهول الهوية ظل لسنوات يُغرّد بانتقادات حادة ضد الدولة، ويتناول قضايا وصفها الإعلام الرسمي بـ”المفبركة” و”التحريضية”.
ووفق التحقيقات، فقد كان الحساب يُدار عبر تقنيات رقمية متقدمة تخفي مصدره الحقيقي، لكن بعد مراقبة تقنية وتحليل شامل للأجهزة الإلكترونية، تم التوصل إلى أن الجاسر هو العقل المدبر للحساب.
الاعتقال في 2018
في 15 مارس/ آذار 2018، اعتقل الأمن السعودي الجاسر من منزله في الرياض، بعد مداهمة موثقة صودرت فيها أجهزة إلكترونية وهواتف ووسائط تخزين. ومنذ ذلك التاريخ، دخل الصحفي في ما وصفته بعض الجهات بـ”الاختفاء القسري”، إذ لم يُسمح لعائلته أو لمحاميه بالتواصل معه سوى مرة واحدة في ديسمبر/ كانون الأول 2019.
ورغم تداول أنباء وفاته داخل السجن حينها، إلا أن السلطات التزمت الصمت التام حتى إعلانها الرسمي في يونيو/ حزيران 2025، مؤكدة أن الجاسر ظل حيًا طوال فترة التقاضي.
ما التهم التي وُجهت له؟
بحسب البيان الرسمي الصادر عن وزارة الداخلية، فإن الجاسر أُدين في عدد من الجرائم الأمنية المصنفة ضمن خانة “الخيانة العظمى”، أبرزها:
- التخابر مع جهات خارجية ضد المملكة.
- تمرير معلومات تمس الأمن القومي.
- إدارة حساب إلكتروني مجهول له طابع تحريضي.
- تلقي أموال مشبوهة من كيانات خارجية لزعزعة الاستقرار.
وقد خضع للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، التي أدانته وأصدرت حكمًا بالقتل تعزيرًا، وتم تأييده من محكمة الاستئناف، ثم من المحكمة العليا، قبل أن يُصدّق عليه بأمر ملكي وينفذ في الرياض.
ما الذي يُقال عن فكر الجاسر؟
تتهمه بعض التحليلات بأنه كان يحمل فكرًا قريبًا من تيارات الإسلام السياسي، وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين، حيث تضمنت منشوراته إشارات تدعم خطابهم وتنتقد السياسات الرسمية بشكل مستمر.
في المقابل، يرى بعض النشطاء أن مواقفه كانت في إطار حرية التعبير، وأنه لم يُمنح محاكمة علنية تُتيح معرفة طبيعة الأدلة بشكل كامل، وهي روايات نفتها السلطات، مؤكدة أن جميع الإجراءات القضائية تمّت وفق النظام.
تنفيذ الحكم في 14 /6/ 2025
صباح يوم الجمعة، أعلنت وزارة الداخلية تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بحق الجاسر في سجن الحائر، مشيرة إلى أن “العدالة أخذت مجراها”، وأن الجريمة التي ارتكبها ترتقي إلى مستوى “خيانة الدولة”، ولا يمكن التساهل معها.
وقد استُقبل الخبر بترحيب داخلي واسع، حيث عبّر مواطنون عبر تويتر ومنصات أخرى عن ارتياحهم، مشيرين إلى أن الحسابات التحريضية يجب أن يُردع أصحابها قانونيًا.
ردود الأفعال: ما بين التأييد والتشكيك
فيما عبّر الشارع السعودي عن دعم واسع للقرار، انتقدت بعض الجهات الحقوقية الدولية الحكم، واعتبرته تقييدًا لحرية الرأي. وقد شدد البيان الرسمي على أن التهم تتعلق بـ”أمن الدولة” وليس بالمواقف الشخصية.
وتبرز هنا إشكالية الفرق بين حرية الرأي والعمل على إسقاط الدولة، خاصة عندما يُستخدم الفضاء الرقمي أداة لبث الرسائل السياسية المشبوهة، وهو ما حاول الجاسر فعله – حسب الجهات القضائية.
هل أغلق ملف كشكول نهائيًا؟
منذ تنفيذ الحكم، لم يعد الحساب “كشكول” نشطًا على منصة إكس، ويبدو أنه قد أُغلق رسميًا، إما من قبل المنصة نفسها أو بطلب حكومي. لكن القضية فتحت باب النقاش حول مئات الحسابات المجهولة التي تُمارس التحريض بشكل يومي.
ويطالب مراقبون بتشديد الرقابة الإلكترونية وتعزيز البنية التشريعية للحد من استخدام المنصات الرقمية في الأجندات المعادية.
خاتمة: سيرة تنتهي بحكم.. وقضية لم تُغلق بعد
قضية تركي الجاسر ليست مجرد قصة شخصية، بل مشهد معقّد من المواجهة بين الدولة وحروب المعلومات. من هوية إلكترونية إلى اتهام رسمي، ومن تغريدات تحت اسم مستعار إلى تنفيذ حكم بالإعدام.
الأسئلة كثيرة، والإجابات الرسمية واضحة: أمن المملكة فوق الجميع، والعدالة لا تتهاون مع من يسعى لهدم استقرارها مهما كانت الوسيلة.