تفاصيل حساب كشكول على تويتر.. الصحفي تركي الجاسر والإعدام الذي هزّ الرأي العام
تصاعدت التساؤلات خلال الساعات الماضية حول رابط حساب “كشكول” على تويتر، بعد إعلان الجهات الرسمية في المملكة العربية السعودية تنفيذ حكم الإعدام بحق صاحبه، الصحفي تركي بن عبدالعزيز بن صالح الجاسر، وسط تغطية إعلامية واسعة واهتمام جماهيري غير مسبوق.
الخبر لم يكن اعتياديًا، بل حمل في طياته أبعادًا أعمق من مجرد تنفيذ حكم، إذ أعاد للأذهان كيف يمكن أن تتحول المنصات الاجتماعية من أدوات للتعبير، إلى أدوات تُستخدم لتهديد الأمن القومي، وتمرير رسائل مدفوعة من جهات معادية.
منصة “كشكول”.. حساب مستعار أم مشروع إعلامي معادٍ؟
برز اسم حساب كشكول في السنوات الماضية باعتباره واحدًا من الحسابات ذات الطابع المعارض، يشارك تغريدات تصفها السلطات بأنها محرضة وتمس ثوابت الدولة. لكن الجديد الذي كشفت عنه التحقيقات أن هذا الحساب لم يكن عشوائيًا أو فرديًا، بل ضمن منظومة أكبر تعمل بتنسيق خارجي، وبتوجيه سياسي ممنهج.
أظهرت التحريات الرقمية أن الحساب كان يُدار من قِبل تركي الجاسر، مستخدمًا هوية مستعارة ووسائل تمويه رقمية، إلا أن تتبع الاتصالات الرقمية ومعاملات مالية مشبوهة ساعد الجهات المختصة على فك الشفرة.
من هو تركي بن عبدالعزيز بن صالح الجاسر؟
تركي الجاسر، صحفي سعودي، كان يعمل سابقًا في المجال الإعلامي التقليدي قبل أن يتجه إلى منصات التواصل، حيث اتهمته السلطات لاحقًا بالضلوع في نشاطات إلكترونية وصفتها بالمهددة للسلم الوطني.
وكان اسمه قد ظهر سابقًا في تقارير دولية وإقليمية تشير إلى تغريداته المثيرة للجدل، فيما نفت عائلته في وقتٍ سابق أي علم لها بإدارته حسابات إلكترونية مخالفة، في ظل حالة من التعتيم التي أحاطت به منذ بداية التحقيق معه.
إعدام تركي الجاسر.. من التغريد إلى ساحة القضاء
بحسب بيان وزارة الداخلية السعودية، فقد ثبت على تركي الجاسر تهم تتعلق بـ”التخابر مع جهات خارجية”، و”تمرير معلومات أمنية”، و”التحريض على الدولة عبر حسابات إلكترونية مستعارة”، وهو ما اعتبرته المملكة تهديدًا صريحًا لأمنها.
وجاء التنفيذ بعد اكتمال محاكمته لدى المحكمة الجزائية المتخصصة، ثم مروره بمراحل الاستئناف والنقض، حتى صدور أمر ملكي يقضي بتنفيذ الحكم الشرعي الصادر بحقه.
رابط حساب كشكول على تويتر.. أين اختفى؟
السؤال الأكثر بحثًا خلال اليومين الماضيين كان: “ما هو رابط حساب كشكول على تويتر؟”
والإجابة المؤكدة حتى لحظة كتابة هذا المقال، أن الحساب لم يعد موجودًا على المنصة، وتم تعليقه أو حذفه نهائيًا، سواء من قبل إدارة المنصة استجابة لطلب قانوني، أو عبر إجراءات أمنية سعودية. وتشير مؤشرات الأرشفة الرقمية إلى أن الحساب كان يحمل محتوى مكثفًا على مدار سنوات، لكنه اختفى تمامًا خلال الأشهر الماضية.
ماذا كان ينشر “كشكول”؟
محتوى الحساب كان عبارة عن تغريدات تتناول الشأن السياسي السعودي بنبرة ناقدة، لكنها – وفقًا لما كشفته الجهات الأمنية – كانت تتضمن معلومات داخلية غير متاحة للعامة، تُمرر بطريقة خفية لمتابعين محددين، مما يُثبت ارتباط الحساب بمصادر من داخل المؤسسات الرسمية أو المحيطة بها.
كما تم استخدام الحساب لتضخيم قضايا داخلية، وتحريف الأخبار الرسمية، وبثّ مقاطع مفبركة، ونشر معلومات تتعلق بقيادات ومسؤولين في الدولة.
دروس مستفادة: كيف تُدار الحروب من خلف الشاشات؟
تكشف قضية تركي الجاسر أن المعركة لم تعد تقليدية، بل باتت تُدار خلف لوحات المفاتيح، عبر حسابات وهمية، ومنصات رقمية، وتوجيهات خارجية تُحرك الشائعات والتضليل.
وتؤكد السلطات السعودية أنها تتعامل بصرامة مع كل من يستخدم الإنترنت للإساءة إلى الوطن، مشيرة إلى أن محاربة هذه الأدوات أصبحت ضمن أولويات الأمن السيبراني، خصوصًا في ظل ما تشهده المنطقة من استقطابات إعلامية وتجسس رقمي متزايد.
ردود أفعال سعودية: العدالة أُنجزت
عبر آلاف المواطنين عن تأييدهم لقرار الإعدام بحق الجاسر، معتبرين أن أي شخص يتورط في المساس بأمن الدولة أو التخابر يجب أن يُحاسب وفق الشريعة الإسلامية.
كما طالبوا عبر منصات X وسناب وتيليغرام، بمتابعة جميع الحسابات التي تعمل على نمط “كشكول”، مشددين على ضرورة محاسبة من يقف خلفها سواء داخل أو خارج البلاد.
العدالة الرقمية.. كيف تحمينا؟
في ظل التطور الهائل الذي تشهده تقنيات الاتصالات، ظهرت ضرورة مواكبة الأنظمة القضائية للتحولات الرقمية، إذ باتت قضايا الجرائم الإلكترونية، وتوظيف المنصات للإضرار بالاستقرار، من أبرز التهديدات التي تواجه الدول.
والسعودية كانت من أوائل الدول في المنطقة التي أصدرت أنظمة رادعة تضمن مواجهة الجرائم المعلوماتية، مع تخصيص كيانات قضائية وإدارية تُعنى بهذه الملفات، مثل هيئة الأمن السيبراني، والنيابة المتخصصة.
هل القضية انتهت؟
رغم تنفيذ الحكم، إلا أن ملف القضية سيظل محل تحليل ومتابعة إعلامية وأكاديمية، نظرًا لارتباطه بثنائية حساسة: حرية التعبير والأمن القومي.
ويرى محللون أن القضية ستُستخدم كنموذج في المؤتمرات الأمنية حول “مكافحة الإرهاب الرقمي”، لا سيما في ظل الارتباط الوثيق بين ما يُنشر إلكترونيًا وما قد يُترجم ميدانيًا إلى سلوك عدائي أو عمليات إرهابية.
خاتمة
في قضية حساب كشكول وتركي الجاسر، تنتهي فصول مسار قضائي حازم، لكنه يفتح أبوابًا أوسع حول طبيعة التهديدات الرقمية، وأهمية الضبط الأخلاقي والقانوني في فضاء مفتوح لا يعترف بالحدود.
وبينما يُطوى الحساب من على المنصة، تبقى القصة حاضرة في ذاكرة الأمن الرقمي، ودرسًا صريحًا لمن يُفكر أن يخفي نواياه خلف اسم مستعار.