انتشار فيديو جونية لبنان 2025.. ما هي العقوبات القانونية لمن صوّر وشارك؟

تصدّر ما عُرف إعلاميًا بـ فيديو جونية المنتشر خلال الأيام الماضية، محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي في لبنان وخارجه، بعدما تم تداول مقطع مصور التُقط في إحدى المناطق الساحلية يُظهر سلوكًا غير لائق على شرفة إحدى الوحدات السكنية. ورغم حظر نشر المقطع الأصلي، إلا أن الضجة التي أحدثها ألقت بظلالها على عدد من القضايا الأخلاقية والقانونية، في مقدمتها: حدود الحرية الشخصية، وسلطة القانون، ودور وسائل التواصل في نشر مواد حساسة.
ما القصة الكاملة لـ فيديو جونية المنتشر؟
بدأت القصة مع انتشار مقطع مصوّر يُظهر مشهدًا وصفه البعض بـ “غير لائق”، في منطقة جونية أو أحد المناطق القريبة منها. المقطع الذي تم تصويره من الشارع العام، أظهر ثنائيًا على شرفة خاصة في وضع أثار انتقادات شديدة. وسرعان ما تحول الفيديو إلى موضوع نقاش عام على مواقع التواصل، بين من رأى فيه انتهاكًا للخصوصية، وبين من طالب بمحاسبة من ظهر في الفيديو.
موقع الحادثة.. جونية أم جبيل؟
ورغم تسمية الفيديو بـ “فضيحة جونية”، إلا أن تقارير محلية لاحقة شكّكت في أن تكون الحادثة قد وقعت فعلًا في جونية. حيث أشارت مصادر أمنية إلى أن الموقع قد يكون في منطقة جبيل، وهو ما أثار جدلًا إضافيًا حول الاستخدام الخاطئ للتسميات في وسائل التواصل، وتأثيرها على سمعة المدن والمجتمعات.
القانون اللبناني يوضح
من الناحية القانونية، أوضحت المحامية بولين يموني، أن أي تصرف يُعد “فعلًا منافياً للحشمة” في الأماكن العامة يُعاقب عليه القانون اللبناني بموجب المادة 531 من قانون العقوبات، والتي تنص على الحبس لمدة قد تصل إلى سنة. كما أكدت أن تصوير المقطع وتداوله بحد ذاته قد يُصنف كجريمة انتهاك خصوصية وتشويه سمعة، وهو ما يُعرّض الناشرين والناقلين أيضًا للمساءلة.
ردود فعل غاضبة وقلق اجتماعي
أثار الفيديو موجة كبيرة من الغضب بين اللبنانيين، خصوصًا مع تكرار حالات مشابهة تُنشر على الإنترنت من دون حسيب أو رقيب. رأى كثيرون أن الفيديو يجسد ظاهرة “السقوط الأخلاقي الرقمي”، ويعكس تراجع القيم الاجتماعية بسبب غياب الرقابة والردع القانوني. فيما شدد آخرون على أن مسؤولية هذه الأفعال تقع على عاتق الأفراد، وليس المدن أو المناطق التي يُنسب لها الفعل.
تساؤلات حول أخلاقيات النشر
أعادت هذه الحادثة طرح السؤال المزمن حول دور وسائل الإعلام والمنصات الرقمية في نقل الأخبار المثيرة. هل الغاية هي التوعية أم الترويج؟ وما هو الحد الفاصل بين الإعلام والمس بالخصوصية؟
هذا المشهد تحديدًا كشف خللاً في آليات النشر لدى العديد من الحسابات الناقلة، إذ تم نشر الفيديو مع عناوين جذابة، بغرض زيادة المشاهدات، من دون أي اعتبار للتأثير القانوني أو النفسي على الأطراف الظاهرة فيه أو على المجتمع بشكل عام.
الخصوصية في زمن السوشيال ميديا
وفقًا لخبراء القانون، فإن الخصوصية لا تُنتزع حتى لو وقعت الحادثة في مكان ظاهر، طالما أن الشخص لم يمنح إذنًا بالتصوير والنشر. القوانين في لبنان، كما في معظم الدول، باتت تأخذ بجدية مسألة تصوير الآخرين دون علمهم، خاصة حين تكون المشاهد تمسّ الشرف أو الحياء العام.
دور القوى الأمنية والقضاء
وبعد انتشار الفيديو، أطلقت جهات حقوقية وقانونية دعوات إلى وزارة الداخلية والقوى الأمنية للتحقيق في الحادثة، ليس فقط لمحاسبة من ظهر في الفيديو، بل أيضًا لملاحقة من صوّر وحرّض وشارك في نشره، وفق ما تقتضيه القوانين اللبنانية التي تجرّم “نشر مواد فاضحة تمسّ النظام العام”.
دعوات لثقافة رقمية مسؤولة
يرى كثير من الأكاديميين والمفكرين أن الحادثة يجب أن تكون جرس إنذار لتفعيل قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية، والعمل على تثقيف المجتمع بآداب التواصل الرقمي، وحماية الخصوصية. فلا يجوز أن تتحول الحوادث الفردية إلى وسيلة للفضح الجماعي أو التنمر الرقمي.
مواقع التواصل في قفص الاتهام
يُحمّل البعض منصات التواصل الاجتماعي جزءًا من المسؤولية، بسبب تساهلها في إزالة المحتويات المخالفة. فالمقطع الذي أثار الضجة ظل متداولًا لساعات طويلة على عدد من التطبيقات، قبل أن يبدأ الحذف المتأخر، ما سمح بانتشاره على نطاق واسع.
خلاصة.. هل نحن بحاجة إلى إعادة تعريف للخصوصية؟
ربما علينا في ظل ما نعيشه من تطور رقمي هائل أن نعيد النظر في مفهوم الخصوصية وأخلاقيات النشر، خاصة في مجتمعاتنا العربية حيث الشرف والأسرة خط أحمر. وبين المطالبة بالمحاسبة القانونية ودعوات حماية الخصوصية، تبقى الحاجة ماسة إلى خطاب إعلامي متزن يحترم القانون ويعيد الاعتبار للإنسان كقيمة.