فعاليات عيد الأعمام 2025 في اليمن.. طقوس عدنية متجذرة في وجه الحرب
رغم تقلبات الواقع السياسي، ومرارة الوضع الاقتصادي، وتفاقم الأزمات المعيشية في اليمن، لا تزال عدن – العاصمة المؤقتة – تنبض بالحياة في مواسم الأعياد، متشبثةً بما تبقى من عاداتها وتقاليدها الضاربة في الجذور. وبينما توزّعت ملامح الاحتفالات بـ عيد الأضحى 2025 على أنحاء المدينة، كان اليوم الثاني من العيد مميزًا بطابعٍ خاص يختص به أهل عدن وحدهم، يُعرف شعبيًا باسم “عيد الأعمام”.
هذا التقليد الاجتماعي الفريد يُعد من أبرز الموروثات العدنية، حيث تكتسب الزيارات العائلية معنى مختلفًا، وتتحول من مجرد لقاءات مجاملة إلى طقوس وجدانية تعيد ترتيب العلاقات داخل النسيج المجتمعي. وبين إصرار الأهالي على الفرح، ورغبتهم في مقاومة واقعهم المؤلم بابتسامة، ينكشف لنا وجه آخر للعيد في عدن: وجه يتحدى الحرب بالألفة.
في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل مظاهر احتفال عدن بعيد الأضحى 2025، وخصوصية “عيد الأعمام”، ولماذا يتمسك به العدنيون رغم كل الظروف؟
ما هو عيد الأعمام؟ ولماذا يُحتفى به في عدن؟
في اليوم الثاني من العيد، لا تعود العائلات العدنية إلى روتينها المنزلي المعتاد، بل تمضي هذا اليوم في منزل “عم الزوج” أو “والد الزوجة”. ولهذا السبب، أطلق عليه المجتمع المحلي لقب “عيد الأعمام”، إذ يتحوّل منزل العم إلى محطة رئيسية للزيارات العائلية والتجمعات الكبرى.
يؤكد حسن علي محسن، أحد أبناء مديرية البريقة، أن هذا التقليد يعكس قيمًا عميقة من التقدير الأسري، وتعزيز روابط القرابة، وإحياء واجب البر والصلات العائلية. كما يُعد مصدر بهجة خاصة للأطفال الذين يتجمّعون في بيت الجد والجدّة مع أولاد عمومتهم لقضاء لحظات لا تُنسى.
تقاليد العيد في عدن 2025.. طقوس تتحدى الأزمات
1. التحضيرات رغم الظروف
رغم الانهيار المستمر في قيمة العملة اليمنية وارتفاع أسعار الأضاحي، يحرص سكان عدن على شراء الأضحية قبل العيد بأسابيع، مستغلين أي فرصة لتأمين أضحية بسعر مناسب، ويربونها في منازلهم حتى يحين موعد النحر.
2. مشهد الصلاة الجماعية
مع بزوغ فجر أول أيام العيد، تتجه العائلات العدنية بأكملها إلى المصليات العامة. المشهد الذي يتكرر سنويًا يعكس حالة من التكاتف والفرح الجماعي بإحياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد.
3. الزيارات والتهاني
عقب الصلاة، تبدأ جولات التهاني العائلية، حيث يتبادل الجيران والأقارب الزيارات، في جلسات يتخللها الحلوى والمشروبات التقليدية، ليعيش المجتمع حالة من الدفء الذي قلّما نشهده في سائر الأيام.
عيد الأعمام للأطفال.. فرحة مضاعفة
يُعد عيد الأعمام فرصة ذهبية للأطفال في عدن، فهم يجدون في هذا اليوم متّسعًا للّهو مع أبناء عمومتهم، ويفرحون بالخروج إلى أماكن الألعاب، خاصة في الساحات العامة والمتنزهات التي تكتظ بالأسر حتى وقت الظهيرة.
كما أن بعض العائلات العدنية تعوّد أبناءها على تقديم عيدية خاصة في هذا اليوم، مختلفة عن تلك التي تُمنح في أول أيام العيد، مما يزيد من بهجة الأطفال وحماسهم لهذا اليوم الاستثنائي.
بعد الظهيرة.. تقاليد خاصة بين النساء والرجال
يُقسّم العدنيون يومهم بين التقاليد الاجتماعية والدينية والترفيهية، فبعد وجبة الغداء الجماعية التي تجمع العائلة، يتفرّغ الرجال لجلسات القات، وهي عادة اجتماعية راسخة، بينما تلتقي النساء في منازل الأقارب لتبادل الأحاديث وتحضير الحلويات ومواصلة أجواء العيد العائلية.
لماذا يتمسك سكان عدن بهذه الطقوس رغم الحرب؟
التمسك بعيد الأعمام وغيره من تقاليد العيد في عدن ليس مجرد حنين إلى الماضي، بل هو سلوك مقاومة ناعم في وجه الواقع المؤلم. فوسط انقطاع الخدمات، وارتفاع الأسعار، والانقسام السياسي، يرى الأهالي في التقاليد العيدية أداة لحماية الروح الاجتماعية من التآكل.
ويشير لبيب فاضل، إمام مسجد بعدني، إلى أن العدنيين باتوا أكثر تشبثًا بطقوس العيد لأنها تمثل لهم ذاكرة جمعية موحدة، وأسلوبًا لزرع الأمل في نفوس الأبناء وسط تحديات الحياة اليومية.
الأسئلة الشائعة حول عيد الأعمام في عدن
ما هو عيد الأعمام في اليمن؟
هو اسم شعبي يُطلق على ثاني أيام العيد في عدن، حيث تقضي العائلات هذا اليوم في منزل والد الزوجة أو عم الزوج، في تقليد اجتماعي متوارث.
هل يتم الاحتفال بعيد الأعمام في كل اليمن؟
لا، هو تقليد خاص بمدينة عدن، ولا يُمارس بنفس الصورة في بقية المحافظات اليمنية.
ما الهدف من هذا التقليد؟
تعزيز التماسك الأسري، وتوطيد صلة الأرحام، وتحويل العيد إلى تجربة جماعية تشاركية.
ما مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى في عدن بشكل عام؟
- شراء الأضحية مبكرًا
- أداء صلاة العيد جماعيًا
- تبادل الزيارات العائلية
- خروج الأطفال للألعاب
- جلسات القات والتجمعات النسائية بعد الظهيرة
خاتمة
في زمن الحرب، يتضاءل كل شيء إلا الذكرى، والروح، والتقاليد. وهذا ما يفعله العدنيون في كل عيد؛ حيث يحوّلون الرماد إلى زينة، والحصار إلى عيد. عيد الأعمام 2025 في عدن ليس مجرد طقس شعبي، بل هو قصة صمود مجتمعي تُروى بكل حبة تمر، وكل قبلة يُقبل بها طفل يد جده. إنها عدن.. مدينة تُقاوم بالفن، والفرح، والأسرة.