سبب وفاة شيفكر ميرزا الحقيقي.. سيرة فارس الأوكرديون الكردي الذي غنّى للتراب والهوية

في لحظة حزينة صادفت أول أيام عيد الأضحى المبارك لعام 2025، خيم الحزن على الأوساط الفنية والشعبية الكردية في سوريا وخارجها، بعد الإعلان عن وفاة الفنان والشاعر والملحن شيفكر ميرزا، أحد أبرز رموز الأغنية الكردية الفلكلورية في منطقة الجزيرة وبوطان.

الراحل لم يكن مجرد موسيقي أو كاتب كلمات، بل أيقونة فنية أصيلة، عزف على الأوكرديون بروح الأرض، وكتب بكلمات تنبض بالهوية والانتماء. ترك خلفه أثرًا خالدًا، وتراثًا سيبقى حيًا في وجدان كل كردي.

من هو شيفكر ميرزا ويكيبيديا السيرة الذاتية؟

اسمه الكامل شيفكر محمد ميرزا، من أبناء منطقة ديرك الواقعة في أقصى شمال شرق سوريا، ويُعتبر أحد أعمدة الفن الكردي الشعبي في منطقة الجزيرة، وعضوًا مؤسسًا في نقابة فناني روج آفا.

بدأ مشواره الفني في سن مبكرة، واستطاع أن يطبع بصمته الخاصة كأول من حمل آلة الأوكرديون في جزيرة بوطان، ليحولها من آلة غربية إلى آلة تعبيرية تعكس الفلكلور الكردي.

رحيله في أول أيام العيد.. سبب وفاة شيفكر ميرزا

صبيحة عيد الأضحى، استيقظت الأوساط الفنية على خبر وفاة شيفكر ميرزا، بعد صراع طويل مع المرض. وبرحيله، فقدت الساحة الفنية الكردية رمزًا من رموزها، وفارسًا من فرسانها.

وقد نعته العديد من المؤسسات الثقافية والفنية، وأصدر اتحاد فناني روج آفا بيانًا وصف فيه الراحل بأنه “ذاكرة موسيقية حيّة”، وأضاف: “كان شيفكر ميرزا مثالًا للفنان الملتزم الذي عاش من أجل صوته وأرضه وشعبه”.

آلة الأوكرديون تغنّي بصوته

لم تكن الأوكرديون مجرد آلة موسيقية بالنسبة لشيفكر، بل كانت امتدادًا لروحه، ووسيلته للتعبير عن حنينه، وفرحه، وألمه. أدخل الأوكرديون في الأعراس والمهرجانات، وجعل منها جزءًا من المشهد الشعبي في بوطان والجزيرة.

رافقته الآلة في كل حفلة ومناسبة، وفي كل لحظة صدح فيها اسم كردستان. وبفضل هذه الآلة، استطاع أن يُعيد تقديم الأغنية الكردية بروح جديدة، تمزج بين التراث والحداثة، وبين الموسيقى العذبة والكلمات العميقة.

شاعر ولحن.. ذاكرة الكلمة واللحن

كان شيفكر ميرزا شاعرًا قبل أن يكون ملحنًا، وقد كتب كلمات أغاني عميقة المعنى، غنّاها كبار فناني المنطقة، من بينهم خبات دهوكي وجمال سعدون. جمعت أعماله بين الحنين والفخر، بين الأرض والإنسان.

كانت كلماته كأنها تُكتب بالحبر والدمع معًا، يروي فيها هموم الشعب، ويعكس فيها تجاربه الشخصية. وتحوّلت أغانيه إلى جزء من الذاكرة الجماعية للكرد في سوريا وخارجها.

أسلوبه الفني.. الفلكلور بروح حداثية

تميّز شيفكر بأسلوب فني فريد، جمع فيه بين التراث الكردي الفلكلوري والأداء المعاصر. حافظ على الألحان التقليدية من بوطان والجزيرة، وأعاد تقديمها بصوت معاصر دون أن يفرط في الأصالة.

كان يرفض التنازل عن الجذور، ويرى أن “الأغنية الكردية هي سلاح ناعم يحافظ على الهوية في وجه التهميش والتذويب”.

أثره في المجتمع الكردي.. أكثر من فنان

لم يكن تأثير شيفكر فنيًا فحسب، بل كان شخصية محورية في المجتمع. ساهم في تنظيم مهرجانات، ودعم الفنانين الشباب، وشارك في حملات ثقافية للحفاظ على اللغة والهوية.

وكان من بين الفنانين القلائل الذين استمروا في تقديم الفن رغم التحديات السياسية والأمنية، وظل وفيًا لصوته وجمهوره حتى أيامه الأخيرة.

شهادات من الوسط الفني

قال الفنان خبات دهوكي: “كان شيفكر لا يكتب أغنية بل يخلق حياة، وحين يلحن، تشعر أن الأرض تغني معه”. أما الشاعر جمال سعدون فقال: “بفقدان شيفكر، نخسر صوتًا نادرًا يُعبّر عن حنيننا وهويتنا”.

وأضافت فنانة من الجيل الجديد: “تربّينا على أنغام أوكرديونه. كل حفلة كانت درسا لنا، وكل كلمة كتبها كانت نبراسًا في طريقنا”.

مكانته في ذاكرة كردستان

سيبقى شيفكر ميرزا رمزًا فنيًا خالدًا، لا يُنسى في ذاكرة الأغنية الكردية. أعماله ستُدرّس يومًا ما، لأنّها كانت مرآة حقيقية للهوية الكردية. صوته، أنغامه، كلماته، ستظل رفيقة كل كردي يشعر بالحنين إلى أرضه وتاريخه.

وداعًا شيفكر.. الأوكرديون يبكيك

ودّعتك الجزيرة وبوطان، كما ودّعك جمهورك بالدموع. تركت لنا تراثًا لن يُمحى، ودرسًا في الوفاء للفن والوطن. الأوكرديون الذي غنّى بيدك سيظل يعزف لذكراك، وسنُردّد كلماتك في كل فرحٍ كردي، وكل دبكة، وكل لحظة نصر وهوية.

دروس من حياة شيفكر ميرزا

  • الفن الحقيقي لا يحتاج إلى ضجيج إعلامي، بل إلى صدق داخلي.
  • الهوية تُحفظ بالكلمة والنغمة أكثر مما تُحفظ بالخطب.
  • الفنان مسؤول اجتماعي يحمل ثقافة شعبه على كتفيه.
  • من يحافظ على الفلكلور لا يعيش في الماضي، بل يصنع المستقبل.

رحمك الله يا شيفكر ميرزا.. ستبقى في الوجدان صوتًا لا يخبو، واسمًا لا يُنسى.

عمر يوسف

كاتب متمرس يتمتع بخبرة واسعة في مجال الصحافة والإعلام. يتميز بأسلوبه السلس والمباشر الذي يسهل على القارئ استيعاب المعلومات المعقدة. يتمتع بحس إخباري قوي يجعله قادرًا على تحديد أهم الأحداث وتغطيتها بعمق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي متابع عرب ميرور

نحن نقدر أن الإعلانات قد تكون مزعجه لك في بعض الاحيان، لكن الإعلانات هي مصدر دخلنا الوحيد، مّا يُمكّننا من الاستمرار في تقديم محتوى إخباري موثوق ومجاني لكافة متابعينا، نطلب منك إغلاق حاظر الإعلانات (Ad Blocker) أثناء تصفحك لموقع عرب ميرور.

قم بإعاده تحميل الصفحه بعد اغلاق ad blocker !