طرابلس تشتعل بعد معرفة سبب مقتل غنيوة الككلي الحقيقي.. اشتباكات دامية وأصابع تُشير للخيانة

لم تكن لحظة إعلان مقتل عبد الغني الككلي مجرد خبر عابر في نشرات الأخبار الليبية، بل كانت صدمة بحجم العاصمة طرابلس التي اشتعلت على إثرها النيران في أكثر من حي، وتبددت معها الأوهام عن أي استقرار حقيقي في بلد لا يزال يتخبط في متاهة الانقسامات والصراعات المسلحة.
غنيوة، الاسم الذي لطالما اقترن بالقوة الميدانية والهيمنة الأمنية، أصبح فجأة حديث الجميع بعد أن طوته رصاصات مجهولة – أو ربما معلومة – في أحد أهم معاقل القوات الموالية له.
فمن هو غنيوة؟ ولماذا قُتل؟ ومن الجهة المستفيدة من سقوطه؟ تلك الأسئلة التي يطرحها الشارع الليبي اليوم، في ظل صمت رسمي مريب وتكهنات تحيط بمسرح الجريمة التي قد تعيد تشكيل المشهد الأمني والسياسي برمته في ليبيا.
من هو عبد الغني الككلي السيرة الذاتية؟ غنيوة كما عرفه الليبيون
عبد الغني بلقاسم الككلي، المعروف بلقب “غنيوة”، وُلد في طرابلس وتدرج من متهم سابق بقضايا جنائية في فترة ما قبل 2011، إلى أحد أبرز القادة الميدانيين في العاصمة بعد سقوط نظام معمر القذافي.
أبرز أدواره:
- قائد جهاز دعم الاستقرار، أحد أبرز الأجهزة الأمنية المدعومة من حكومة الوحدة الوطنية.
- سيطر على مناطق جنوب طرابلس خصوصًا “أبو سليم” و”الهضبة”.
- شكّل تحالفات مع قيادات عسكرية ومدنية، وجمع بين الولاء السياسي والقدرة المسلحة.
- اتُهم من منظمات حقوقية محلية ودولية بممارسة الاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري، واستغلال النفوذ.
- غنيوة كان رجلًا يخشاه خصومه ويحسب له الجميع ألف حساب، لكنه كان أيضًا محل خلاف دائم، كونه يمثل نموذجًا معقدًا لشخصية عسكرية-أمنية تعمل في ظل غياب الدولة المركزية.
تفاصيل ليلة سقوط غنيوة كاملة: ما الذي حدث داخل الهضبة؟
في مساء الإثنين، وتحديدًا داخل مقر اللواء 444 قتال في منطقة الهضبة، وقعت مواجهة عنيفة أودت بحياة غنيوة وعدد من مرافقيه.
المصادر الأمنية والإعلامية أكدت أن الاجتماع الذي كان يُعقد هناك بهدف التهدئة بين الأطراف المسلحة، سرعان ما تحوّل إلى معركة طاحنة بالسلاح الخفيف والمتوسط.
من كان موجودًا في مكان الحادث؟
- قيادات من اللواء 444.
- عناصر من قوة العمليات المشتركة.
- مسؤولون من جهاز دعم الاستقرار.
- فيما يشبه سيناريو “تصفية حسابات”، تشير بعض الروايات إلى أن فشل مفاوضات سرية حول تقاسم النفوذ كان الشرارة التي أشعلت الاشتباك.
تفاعل الشارع الليبي.. صدمة ورعب وانتظار
ما إن تسرب خبر مقتل غنيوة حتى امتلأت شوارع طرابلس بصدى الرصاص والدخان، وأقفلت المحلات، وتوقفت الحياة في مناطق:
- مشروع الهضبة
- أبو سليم
- الدريبي
- شارع الزاوية
فوضى عارمة، وانتشار كثيف للمسلحين، واستخدام مكثف للرشاشات والسيارات المدرعة في قلب العاصمة، جعل المشهد أكثر سوداوية مما كان عليه قبل الحادثة.
لماذا اغتيل غنيوة؟ فرضيات وأصابع تُشير
الفرضية الأولى: خلاف داخلي على النفوذ
الصراع بين جهاز دعم الاستقرار واللواء 444 ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى صدامات سابقة بشأن مناطق السيطرة، وتوزيع الأدوار في الأمن الداخلي.
الفرضية الثانية: تصفية سياسية برعاية غير معلنة
تشير مصادر إلى أن بعض الجهات العليا لم تعد راضية عن تمدد نفوذ غنيوة، ووجوده بات يهدد التوازنات السياسية والأمنية، خاصة مع اقتراب استحقاقات انتخابية.
الفرضية الثالثة: خيانة داخلية
بعض الروايات تحدّثت عن “طُعم” نُصب لغنيوة داخل مقر يُفترض أنه حليف، ما يعني أن مقتله كان نتيجة خيانة داخلية نُفذت بإحكام.
ردود أفعال محلية ودولية
محليًا:
- صمت حكومي مطبق، رغم التدهور الأمني.
- بيان خجول من وزارة الداخلية يطالب السكان بالتزام منازلهم.
- دعوات شعبية تطالب بالكشف عن ملابسات الحادثة كاملة.
دوليًا:
- بعثة الأمم المتحدة في ليبيا دعت إلى التهدئة والتحقيق.
- السفارة الأميركية عبّرت عن قلقها من التدهور الأمني المفاجئ.
- دول أوروبية طالبت بحماية المدنيين وتجنب صراع شامل.
المطار يغلق أبوابه.. خوفًا من امتداد الرصاص
مطار معيتيقة الدولي، الشريان الجوي الوحيد في طرابلس، دخل مرحلة إخلاء احترازية، حيث تم تحويل عدد من الطائرات إلى مطار مصراتة، في إجراء يعكس خطورة الوضع.
المعلومات تشير إلى:
- تمركزات عسكرية قرب محيط المطار.
- تعزيزات أمنية في مداخل طرابلس الشرقية والجنوبية.
- مراقبة جوية من طائرات دون طيار لرصد التحركات العسكرية.
غنيوة.. من تاجر سلاح إلى رمز للنفوذ
يصفه البعض بأنه “رجل الظل” في الدولة العميقة الليبية، فقد تمكّن غنيوة من إدارة شبكة معقدة من العلاقات شملت:
- جهات سياسية.
- أطراف أمنية.
- ميليشيات في الغرب الليبي.
- امتداد في القطاع المالي غير الرسمي.
- اتهامات عديدة طاردته، منها التورط في شبكات تهريب البشر والسلاح، إلا أنه كان دائمًا ينجو من كل استحقاق قانوني بحكم نفوذه وعلاقاته.
هل يعود الصراع إلى نقطة الصفر؟
سقوط غنيوة لا يعني فقط غياب قائد أمني، بل تفكك تحالفات وتحول جذري في موازين القوى في طرابلس. ومن غير المستبعد أن تدخل المدينة مرحلة جديدة من الفوضى، ما لم تتدخل الدولة المركزية بشكل حاسم.
الخشية اليوم أن تتحول الاشتباكات المحدودة إلى صراع أوسع بين:
- مؤيدي جهاز دعم الاستقرار.
- كتائب اللواء 444.
- قوى أخرى تسعى لملء فراغ القوة.
من المستفيد من مقتل غنيوة؟
الجهات التي كانت ترى في غنيوة عقبة في طريق الترتيبات السياسية المقبلة، ربما كانت الأكثر سعادة بسقوطه.
- هل تسعى حكومة الوحدة لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية؟
- هل تقف قوى إقليمية وراء إضعاف بعض الفصائل لتمكين أخرى؟
- هل مهد مقتل غنيوة الطريق لصفقة أمنية أكبر؟
- كلها أسئلة مفتوحة حتى اللحظة، تحتاج إلى تحقيق مستقل وشجاع.
الفقرة الختامية: مقتل غنيوة.. هل هو البداية أم النهاية؟
بينما لا تزال طرابلس تحت صدمة اغتيال واحد من أكثر رجالها نفوذًا، يبقى المشهد ضبابيًا، والأصوات ترتفع مطالبة بالحقيقة. ليس فقط لأن غنيوة كان شخصية محورية، بل لأن ما حدث قد يكون مقدمة لتغييرات دراماتيكية قادمة في البنية الأمنية للغرب الليبي.
القضية الآن ليست فقط عن “من أطلق النار؟”، بل “من سمح بانفجار المشهد؟” و”من التالي؟”
في ليبيا، حيث السياسة تُدار بالسلاح، فإن موت غنيوة قد يكون الفصل الأول في صراع أكبر يتجاوز الأسماء، ليصل إلى جذور الدولة الممزقة.