سبب وفاة الراهبة البرازيلية لوكاس عن 116 عامًا.. والإنجليزية إثيل تتسلم اللقب
بقلوب تملؤها الدهشة والإعجاب، ودّع العالم في نهاية أبريل/ نيسان 2025 واحدة من أبرز الشخصيات المُلهمة في تاريخ البشرية: الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس، التي رحلت عن عمرٍ ناهز 116 عامًا و326 يومًا، لتطوي بذلك صفحة من التاريخ الإنساني الحافل بالأمل والتحدي، وتترك خلفها إرثًا عميقًا عن الإيمان والحياة البسيطة.
وفي أعقاب هذا الحدث، أعلنت مجموعة أبحاث الشيخوخة في الولايات المتحدة أن لقب “أكبر شخص على قيد الحياة في العالم” انتقل رسميًا إلى إثيل كاترهام، وهي امرأة إنجليزية تبلغ من العمر الآن 115 عامًا و252 يومًا.
حين يكون العمر كتابًا مفتوحًا
ليست كل الأعمار سواء. فبينما يعيش كثيرون في الظل، هناك من تتحول حياتهم إلى شهادة حيّة على مرور الزمن، ومصدر إلهام لكل من يسعى لفهم سر الحياة الطويلة. والراهبة البرازيلية إينا لوكاس كانت إحدى هؤلاء. فحياتها التي امتدت على مدى أكثر من قرن وستة عشر عامًا كانت مليئة بالهدوء، الإيمان، الخدمة المجتمعية، والعمل في الظل.
ومع إعلان وفاتها، لم يكن الأمر مجرد رقم يتغير في سجل المعمّرين، بل كان مناسبة للتأمل في قيمة البساطة، وأثر الحياة الهادئة في الاستمرار.
من هي إينا كانابارو لوكاس ويكيبيديا؟
ولدت إينا كانابارو لوكاس في الثامن من يونيو / حزيران عام 1908، في مدينة سان فرانسيسكو دي أسيزي، الواقعة جنوب البرازيل. منذ ولادتها، كانت شاهدة على تحولات القرن العشرين، وعاصرت أحداثًا غيّرت وجه العالم: الحربان العالميتان، الثورة التكنولوجية، أزمات اقتصادية وجغرافية، وغيرها الكثير.
في عمر 16 عامًا، بدأت رحلتها الدينية في مدرسة الراهبات التريزيات بمدينة سانتانا دو ليفرامينتو، على الحدود مع أوروغواي. ومن هناك، انتقلت لفترة وجيزة إلى العاصمة الأوروغوانية مونتيفيديو، قبل أن تعود للبرازيل وتكرّس حياتها للدين والتعليم والخدمة العامة.
مسيرتها المهنية والروحية
لم تكن إينا راهبة تقليدية فقط، بل كانت أيضًا معلّمة وسكرتيرة، شاركت في بناء المجتمع وتعليم الأجيال. ظلت تعمل حتى سنوات متقدمة، وتقول عنها رفيقاتها من الراهبات إنها كانت “مثالًا على الإخلاص والصبر والرضا بقضاء الله”.
أصبحت راهبة رسمية في سن 26 عامًا، وعاشت معظم حياتها في كنف جماعة الراهبات في مدينة بورتو أليغري، حيث وافتها المنية.
سر طول عمرها.. ما الذي قالته لوكاس عن ذلك؟
سؤال تكرر كثيرًا على لسان الجميع: ما سر هذا العمر الطويل؟
لكن إينا، كعادتها في الإيمان العميق، أجابت ببساطة مؤثرة:
“الله وحده يعرف. إنه سر الحياة، وسر كل شيء.”
لم تنسب الأمر لنظام غذائي معين، أو تمارين، أو طب حديث، بل تركت الباب مفتوحًا أمام الإيمان والقدر، مؤكدة أن الحياة بيد الله، وهو من يُطيلها أو يُنهيها في الوقت المناسب.
سبب وفاة الراهبة البرازيلية لوكاس.. نهاية رحلة هادئة في حضن الجماعة
توفيت لوكاس في كنف جماعة الراهبات التي احتضنتها طوال العقود الماضية، في بورتو أليغري. لم يتم الإعلان عن سبب طبي دقيق للوفاة، ولكن بحسب مصادر من داخل الجماعة، فإن حالتها الصحية بدأت في التراجع تدريجيًا منذ بداية عام 2025، حتى حانت لحظة الرحيل في هدوء وسكينة.
وقد أُعلن رسميًا عن وفاتها عن 116 عامًا و326 يومًا، لتُسجل بذلك اسمها ضمن قائمة أطول الأشخاص عمرًا في تاريخ البشرية، وتُصبح ثاني أكبر راهبة سنًا في التاريخ بعد الفرنسية لوسيل راندون التي رحلت عن عمر 118 عامًا.
انتقال اللقب إلى إثيل كاترهام.. من هي؟
بعد وفاة لوكاس، انتقل اللقب رسميًا إلى السيدة إثيل كاترهام، وهي إنجليزية تعيش في مقاطعة ساري جنوب شرق إنجلترا، وتبلغ الآن 115 عامًا و252 يومًا.
وُلدت إثيل في بدايات عام 1910، وتعيش في دار رعاية، محاطة بأحفادها وأبناء أحفادها. وبحسب الصحف البريطانية، فإنها تتمتع بصحة جيدة نسبيًا، وتحب التحدث عن ذكرياتها في الحرب العالمية الثانية، حيث كانت تعمل في مجال التمريض التطوعي.
نظرة تاريخية: أطول المعمّرين في العالم
بحسب قاعدة بيانات مجموعة أبحاث الشيخوخة:
- لوسيل راندون فرنسية 118 عام متوفاة
- إينا لوكاس برازيلية 116 عام و326 يومًا متوفاة
- إثيل كاترهام إنجليزية 115 عام و252 يومًا على قيد الحياة
لماذا ننبهر بالمعمرين؟
عندما نسمع عن أشخاص تخطوا حاجز القرن، يراودنا فضول عظيم. ليس فقط بسبب الرقم، بل لأنهم يصبحون شهودًا على التاريخ. من الطائرات الورقية إلى الإنترنت، من حروب الخيول إلى الأقمار الصناعية، من الشموع إلى الذكاء الاصطناعي… هؤلاء عاشوا العالم كله، ورأوه يتغير أمام أعينهم.
ومع كل رحيل، نشعر أن قطعة من الذاكرة الإنسانية قد اختفت.
الدروس من حياة إينا لوكاس
- الهدوء والبساطة قد يطيلان العمر أكثر من أي نظام غذائي.
- الإيمان الراسخ يمنح الإنسان طمأنينة قد لا توفّرها التكنولوجيا.
- الخدمة المجتمعية تترك أثرًا لا يُنسى، حتى لو لم تكن تحت الأضواء.
الختام: وداعًا لوكاس.. شكرًا على الإلهام
رحلت إينا كانابارو لوكاس، لكنها تركت إرثًا لا يُنسى من الصبر، والرضا، والإيمان، والحكمة. لم تكن تبحث عن الشهرة، ولم تكن تحلم بالأضواء، لكنها وجدت نفسها في قلوب ملايين، بعدما أثبتت أن الإنسان قادر على تجاوز قرن من الزمن، دون أن يتغير قلبه الطيب.
وداعًا لوكاس.. شكرًا لأنك كنتِ هنا.